الثلاثاء، 13 أغسطس 2019

الحياة كيس من البازلاء المجمدة!

هذه القصة من كتاب أشياء جميلة اختيار وترجمة علا ديوب:



بعد أسابيع قليلة من رحيل زوجتي جورجيا إلى السماء كنت أحضّر العشاء لي ولولدي، اخترت أن أستخدم البازلاء المجمدة لتحضير طبق الخضراوات، وبينما كنت أفتح الكيس انزلق من بين يدي وسقط على الأرض وتدحرجت حبات البازلاء في كل مكان كما لو أنها كرات بلي زجاجية ، حاولت أن أجمعها باستخدام مكنسة ولكن مع كل محاولة كانت الحبات تتدحرج في أنحاء المطبخ مرتطمة بالحائط في الجانب المقابل ومتدحرجة في الاتجاه الآخر.   
في ذلك الوقت كنت أمرّ بأوقات عصيبة ففقدان شريكة الحياة هو ألم لا يحتمل، جثوت على ركبتيّ ويديّ وجمعت حبات البازلاء مشكلاً كومة كي أتمكن من التخلص منها، كنت ألتقطها وأنا نصف ضاحك ونصف باكٍ،  فقد استطعت أن أتحسس الفكاهة فيما يحدث، ولكن أمراً كهذا لا يعني كثيراً لشخص يحاول التعامل مع حزنه ومأساته بحيث لا يحطمانه.
في الأسبوع التالي وفي كل مرة كنت أتواجد فيها في المطبخ كنت أعثر على حبات من البازلاء ناجية من عملية التنظيف الأولى. استمرت حبات البازلاء بالظهور سواء في الزاوية، أو خلف أرجل الطاولة، أو بين الخيوط الخارجة من نهاية السجادة أو تحت الفرن، وبعد ثمانية أشهر سحبت الثلاجة لأنظّف خلفها وإذ بعشرات حبات البازلاء المتحجرة جداً مختبئة تحتها.
في الوقت الذي وجدت فيه تلك الحبات المتبقية من البازلاء كنت قد بدأت أتعرف إلى امرأة رائعة التقيتها في مجموعة لدعم الأرامل والأرملات، وبعد أن تزوجنا تذكرت تلك الحبات التي عثرت عليها تحت الثلاجة   وعندها أدركت أن حياتي كانت مثل ذلك الكيس من البازلاء المجمدة، فقد تمزقت بسبب خسارتي لزوجتي بالإضافة إلى أنني كنت في مدينة جديدة في عمل يتطلب الانشغال، وبرفقة ابن يجد صعوبة في التكيف مع محيطه الجديد ومع فقدانه لوالدته. لقد كنت محبطاً وكنت أشبه بكيس من البازلاء المجمدة المتناثرة على الأرض لأن حياتي بأكملها كانت منهارة ومبعثرة.
عندما تحبطك الحياة وعندما ينهار كل شيء اعتدت عليه وعندما تعتقد بأنك لن تتمكن أبداً من اجتياز الأوقات الصعبة، تذكر بأن هذا كله مجرد كيس من حبات البازلاء المتناثرة، بمقدورك أن تلتقط هذه الحبات لتستمر الحياة مجدداً. كن على يقين بأنك ستجد كل الحبات، في البداية ستجمع الحبات السهلة المنال في كومة وستلتقطها وتمضي قدماً، ولاحقاً ستجد حبات البازلاء الأكبر والتي كانت صعبة المنال فيما سبق، وعندما تجمع كل الحبات ستستعيد حياتك بأكملها من جديد.
الحياة التي تعرفها قد تتبعثر في أي وقت ومع ذلك ستبقى مستمرة ، ولكن درجة سرعتك في جمع حباتك المبعثرة هو أمر يعتمد عليك، فهل ستستمر في بعثرتهم بالمكنسة من حولك أم ستلتقطهم واحدة تلو الأخرى وتستجمع حياتك من جديد؟
Michael T. Smith  

الاثنين، 5 أغسطس 2019

جمالٌ خاصٌ

بقلم: جوزف مازيلا
ترجمة: لوسين معنا
مراجعة الترجمة: علا ديوب
التدقيق اللغوي: نسرين محمد


كنت في السابعة عشرة من عمري عندما ذهبت برحلة مع عشرات الفتيان الآخرين إلى ولاية أيوا لزيارة كلية كنت أفكر في ارتيادها. مع أن الرحلة كانت ممتعة في معظمها، الا أنني عندما أصبحت هناك شعرت بالإحباط والوحدة والعزلة. اشتقت لعائلتي وأدركت أنني لن أستطيع رؤيتهم كثيراً إذا ارتدت هذه الجامعة. كنت مشتاقاً أيضاً لجبال الأبالاش في بلدتي، فقد كن أحبُّ المشي في غابات القيقب والبلوط والزان والبتولا والجوز فيها، وكنت أحبُّ كيف تتحول الأوراق إلى آلاف الدرجات من اللون الأخضر في الربيع، ومن ثم تتحول إلى بحر من الأحمر والذهبي والبرتقالي في فصل الخريف، وكنت أحبُّ رائحة البرسيم والعدد الذي لا يحصى من الأزهار البرية التي تنمو في مروجنا؛ كانت هذه الأشياء جزءاً مني.

هنا في ولاية أيوا كان كل شيء مسطّحاً، بدا العشب محترقاً وبني اللون، وكل ما استطعت شمه كان خليطاً من رائحة الذرة والوحل والخنازير. مشيتُ خارج عنبر الكلية وجلست على جذع شجرة قديم، أغمضتُ عيني وحلمت بالعودة إلى بلدتي مجدداً، وعندما فتحتهما في النهاية، رأيت شيئاً لمس روحي، كان منظر الغروب عن البراري، بدا وكأنه يفترش السماء من الأفق للأفق حيث امتزجت الغيوم الذهبية والحمراء والأرجوانية والوردية وانسابت معاً في لوحة من صنع الخالق. كانت لوحة ضخمة لدرجة أنها خطفت أنفاسي، وجعلت منظر الغروب في جبالنا يبدو قليل الجمال بالمقارنة معها. كنتُ مملوءاً بالدهشة وشعرت بقربٍ فريدٍ من الله، أدركتُ أيضاً أنني كنت أحمقاً وانتقادياً، إذ لهذا المكان جماله الخاص أيضاً، وهو جزءٌ من إبداع الخالق.

ومع مرور السنين تعلّمتُ شيئاً آخر، وهو أنه لكل منّا جماله الخاص كذلك، لدى كل واحد منا مواهب وقدرات فريدة من نوعها، لدى كل منا حبٌ جميل وقويٌّ بإمكاننا فقط أن نتشاركه، ويريدنا الله أن نتشاركه. أتنمى أن تفعلوا ذلك دائماً، وأتمنى لكم حياة مشرقة دائماً، وأتمنى أن يتألّق الحب في أرواحكم كتألّق الغروب عن البراري.

المصدر:  هنا