الاثنين، 7 يوليو 2014

كيف تربين طفلك على حب القراءة

الكاتبة: د. لورا مارخام
مالم يكن طفلك بذكاء الطفل أنشتاين  فإن الطريقة الوحيدة والأفضل لرفع معدل ذكائه هي أن تقرأي له وأن تغرسي في قلبه حب القراءة.  هل يقرأ طفلك كل مساء؟ ولا أعني بذلك أن يقرأ لحل واجباته ولكن هل يقرأ لأجل المتعة؟  بعض الأطفال يقرؤون كل مساء وهؤلاء هم الأطفال الذين يحصلون على نتائج أفضل أكاديمياً في جميع المراحل.  يرتبط الأداء المدرسي بشكل مباشر بمستوى  الطلاب  في القراءة أكثر من أي مؤشر آخر. 
يشتري معظم الآباء  لأطفالهم كتباً مصنوعة من الورق المقوى آملين بذلك أن يحب أطفالهم القراءة، ولكنهم مع ذلك غالباً ما يتوقفون عن القراءة في مرحلة الدراسة المتوسطة إن لم تكن قراءة لحل الواجبات المدرسية.  في عام 1994 تم تقييم طلاب الصف الثامن ووجدوا أن 28% من الطلاب هم على مستوى الكفاءة في القراءة أو أعلى منه، وفي الواقع كان فقط 2% منهم يقرؤون على مستوى متقدم. 
ما الذي يحدث؟  إن عادة القراءة لا تترسخ أبداً في الطفولة. قد يحب أطفالنا وهم في عمر مبكر إمساك الكتب والنظر إلى الصور.  وربما قد يستمتعون بالقراءة وهم في المرحلة الابتدائية.  ولكن القراءة عمل مجهد وفي الوقت نفسه تقدم الحياة الكثير من طرق الإمتاع الأخرى بما يجعل القراءة تبدو كعمل أكثر منها كلعب. إنهم لن يصلوا أبداً إلى تلك المرحلة التي تكون فيها قراءة كتاب أكثرمتعة من فعل أي شيء آخر.
إذاً كيف يمكن لك أن تزرعي فيهم حباً لا ينتهي للقراءة؟ 
1- اقرأي لطفلك منذ نعومة أظفاره وليس فقط في وقت النوم. اجعلي الكتب المصنوعة من الورق المقوى و الكتب القماشية من أولى الألعاب التي تشترينها لطفلك. احمليهم معك في حقيبة طفلك مع وجباته الخفيفة حيث تذهبين. اصنعي وقتاً عائلياً حميمياً بحيث تشكلين رابطاً بين الحب والألفة من جهة وبين القراءة من جهة أخرى. وفي أي وقت آخر تحتاجان فيه لاستراحة أمسكي كتاباً وابدأي بالقراءة لطفلك. مثلاً بعد حالات الغضب وأثناء الغداء وبينما تناولين قهوتك في يوم عطلة... اقرأي له في أي وقت يمكن أن يكون وقتاً حميمياً للعائلة. 

2- ابدأي بزيارة المكتبة بانتظام عندما يبلغ طفلك عامه الثاني وربما ستجدينه حينها يفضل القراءة على أي نشاط آخر.  استثمري الوقت في المكتبة لتقرأي لطفلك ولتختاري كتباً للقراءة. لم يكن أطفالي يجلسون بهدوء في المكتبة أثناء وقت قراءة القصص، ولكن إذا أحب طفلك ذلك لا تتواني أبداً عن الذهاب إلى هناك. وأبقي رفاً للكتب في منزلك في المطبخ أو في غرفة الجلوس بحيث لا تضيعينهم وبحيث يمكنك دوماً أن تجدي شيئاً جديداً لتقرأيه.

3- اقرأي لطفلك أكثر ما يمكن. لقد بدأت أقرأ لأطفالي قبل أن يتمكنوا من تطبيق آداب تناول الطعام فعلياً، فكنت أقرأ لهم أثناء الغداء أو أثناء العشاء وقد كان ذلك ممتعاً بالنسبة لهم  إلى درجة تجعلهم  يبقون جالسين في أماكنهم. كما كان احتمال أن يجربوا الطعام الذي أقدمه لهم وأنا جالسة قربهم حاملة كتاباً أكبر من احتمال أن يجربوه عندما أتركهم على كرسي عال في المطبخ وأنا أحضر الطعام.  وهو أمر يختلف كلياً عن وضع الأطفال أمام التلفاز وهم يأكلون. إذ أنهم عندها يحدقون في الشاشة بينما يضعون الطعام في فمهم بشكل غير واع. إذ أن القراءة لهم هو أمر يشبه الاستماع إلى الراديو، ويمكنهم حينها النظر إلى طعامهم وتذوقه بينما هم يستمعون، كما يمكنهم النظر بين الفينة والأخرى إلى صور الكتاب الذي تقرأينه لهم.

4- لا تضغطي على طفلك ليتعلم القراءة. سيقرأ من تلقاء نفسه حالما يطور يطور مهارات مرحلة التحضيري. ليس هدفك أن تدعيه يلفظ الكلمات ولكن أن تعززي حب الكتب عنده بصورها وقصصها. إن محاولة تعليمه القراءة سينتزع كل المتعة الناتجة عن عملية القراءة. وإذا أجبرته على القراءة سيشعر أنه في موقف محرج وبأنه لا يستطيع الكلام.  وسيستمر معه هذا الإحساس معه طيلة حياته ولن يحببه هذا بالقراءة. 
بعض الأطفال الأذكياء لا يتعلمون القراءة حتى يكملوا عامهم السابع. لا تقلقي سيلحقون سريعاً بأقرانهم الذين بدؤوا القراءة في الرابعة أو الخامسة. أعرف طفلين كانا يقرأان منذ أن كانا في الثالثة والسادسة على التوالي.  الاثنان الآن في التاسعة وفي الصف الرابع.  وكلاهما يقرأان بمستوى قراءة طلاب صف الثامن.  والفرق الوحيد بينهما هو أن من بدأ القراءة مبكراً يخامره شعوربالقلق لأنه لم يعد "مميزاً" وغالباً مايتصرف مع الأولاد الآخرين بطريقة فوقية مزعجة. بكل تأكيد ليس هناك فائدة من أن تدفعي ابنك لكي يقرأ باكراً بل على العكس هناك الكثير من السوء في ذلك. ولكن هل يجب أن تمنعي طفلك من تعليم نفسه القراءة؟  كلا بكل تأكيد.  كل ما أقوله انه لايجب عليك أن تضغطي على طفلك ولا أن تستخدمي الأمر لجعله مشهوراً إذ أنه عاجلاً أم آجلا سيلحق به الجميع وسيقرؤون مثله.  إن الأمر مشابه لأن يتعلم الطفل المشي في عمرتسعة اشهر أو في عمر السنة والنصف.   أين المهم في الأمر؟

5- لا تتوقفي عن القراءة له عندما يتعلم القراءة.  استمري بالقراءة له في جميع مراحل نموه طالما يسمح لك هو بذلك.  استمرارك في القراءة له سيجعله يبقى مهتماً في الوقت الذي تتطور فيه مهاراته.  كما أنه سيعطيكما الكثير من المواضيع لفتح أحاديث عن القيم والخيارات.
في الواقع يتذمر الكثير من الآباء من أن أولادهم يستطيعون القراءة ولكنهم لا يبدون مهتمين أو راغبين بالقراءة.  يمر معظم الأولاد بهذه المرحلة ولكن يمكنك أن تساهمي في  جعلها لوقت قصير فقط.  إن مشكلة الطفل هي أنه يستطيع قراءة كتب بسيطة ولكن مخيلته تؤلف قصصاً أكثر حبكة وتعقيداً. ولكن المشكلة أن الكتب ذات الحبكة الأصعب هي عمل مجهد وهناك الكثير من الكلمات التي لا يعرفها والجهد المبذول يشتت ذهنه عن القصة.  ولذلك فهو يحتاج أن يستمر والديه بالقراءة له ليحافظا على انذهاله بعالم الكتب المليء بالأسرار وليحثاه على أن يصبح قارئاً ماهراً. 
في هذه المرحلة الحرجة يجب إعطاء المزيد من الوقت لاختيار الكتب التي يمكن أن يقرأها ويجدها ممتعة. إن الكتب المصورة التي تحتوي الكثير من الكلمات يمكن أن تجدي نفعاً طالما أنه يستطيع استخدام الصور ليبقى مهتماً بالمضمون ويحاول معرفة معنى الكلمات.  و بفضل قراءته في المدرسة وقراءته في المنزل ستتناسب سرعته في القراءة طرداً مع شهيته للكتب.  وسيكون قادراً خلال عدة أشهر على أن يقرأ كتباً بسيطة مكونة من عدة فصول.  عندما يصل إلى تلك المرحلة ابحثي عن سلسلة كتب والتي غالباً ستغري أولادك ليقرؤوا الكتاب التالي وهكذا... 

6- اجعلي القراءة طقساً يومياً.  خصصي وقتاً عائلياً مريحاً للقراءة يومياً. هذا يمكن أن يكون وقت الراحة بعد المدرسة أو بعد الغداء في الصيف أو في ختام السهرة مساءً. وستلاحظين كم من المذهل كيف يتحمس الأولاد للقراءة إذا كان ذلك يعني أن يسهروا لوقت إضافي. عندما كنا صغاراً كنا نتفاوض مع أهلنا ليسمحوا لنا بالسهر نصف ساعة إضافية وكنا جاهزين للموافقة على أي حل حتى لو كان إمضاء الوقت في السرير ونحن نقرأ كتاباً. 
ولكن بعض الأطفال في سن السادسة يكونون متعبين جداً في نهاية اليوم ولذلك تكون القراءة عملاً مجهداً جداً بالنسبة لهم.  لذلك يمكنك أن تخصصي له وقتاً مريحاً ليقرأ بنفسه وأنت تحضرين طعام العشاء مثلاً بعد أن يحل وظائفه. 

7- ساعدي طفلك لينتقل إلى المستوى التالي:   اختاري كتاباً يمكن لطفلك أن يقرأه ولكنه ربما لن يختاره بنفسه، كتاب بسيط مؤلف من فصول، وهو خيار أفضل من كتاب صور على سبيل المثال. اقرأا سوية إلى أن يتوجب عليك أن تعدي العشاء أو أن تردي على الهاتف -ولكن يجب أن تكوني قد قرأت ربع الكتاب على الأقل ليكون طفلك قد انجذب نحوه- ثم أخبريه أنه حان الوقت ليقرأ بمفرده. والأمر يعود له إما أن يستمر بقراءة الكتاب الذي كنتما تقرآنه سوية أو ينتقل إلى كتاب آخر.  معظم الأطفال يمسكون الكتاب وينهونه بأنفسهم.  وإن لم يقرأ طفلك الكتاب عليك أن ترجعي إلى كتب ذات مستوى أبسط بقليل. مع المحافظة على ان تختاري كل فترة كتاباً مشوقاً أكثر صعوبة بقليل.

8- ساعديه على أن يحسن مهارته في القراءة بتبادل قراءة الصفحات معه خلال وقت القراءة بصوت عال.  ولكن إن تعثر في القراءة ساعديه حالاً.  لا تجعليه يتوقف ويقوم بتهجئة الكلمة إن هدفك أن تبقيه مستمعاً بالكتاب وذلك بالاستمرار في القصة.  وأنا أقترح هذا لوقت قصير لأن القراءة متعبة للأولاد وأنصحك بألا تكوني  صارمة في إجبار ولدك على المشاركة، وبعبارة أخرى يمكن أن يقرأ مرة كل ثلاث أو أربع صفحات.  إذا ضيعت المتعة المرافقة لحالة القراءة فإنك حينئذ تضرينه أكثر مما تنفعينه.

9- اقرأي القصص الكوميدية للأولاد الذين يكرهون القراءة. بعض الأولاد ينفجرون ضاحكين من القصص الكوميدية والتي تخيفهم أقل من الكتب ذات الفصول المتعددة. 

10- لا تتوقفي مطلقاً عن القراءة لطفلك. قد تعلمين أنه يستطيع أن يقرأ أي كتاب لوحده الآن.  ولكن لم تتوقفان عن هذه العادة التي تساهم في تواصلكما عاطفياً مع بعضكما ؟  لم تتوقفان عن استغلال الفرصة لقراءة كتب تجركما إلى نقاشات جيدة حول القيم والخيارات والصعوبات والأمل؟   لا تتوقفي عن القراءة لطفلك حتى يطلب هو منك ذلك. 
  
11- اقرأي أنت شخصياً. كوني مثلهم الأعلى. إن كانوا لايشاهدوك تقرأين فلم عليهم هم أن يقرؤوا؟ ناقشوا جميعكم ما قرأتموه على مائدة العشاء مثلاً، وخصصوا وقتاً عائلياً للقراءة حيث يقرأ الأب أو الأم لكافة أفراد العائلة. وعندما يصبح الأولاد أكبر يمكن أن يلعبوا دور القراء أيضاً أو يمكن أن يمرر الكتاب على الجميع ليشاركوا في القراءة.

12-  ضعي حداً للتكنولوجيا. بلا شك لايمكن أن يتنافس كتاب مع تلفاز أو كمبيوتر. إن أعطيت الأولاد الخيار فإن معظمهم لن يختاروا الكتاب عدد مرات كاف إلى درجة تجعل القراءة عادة عندهم. وقبل أن تدركي الأمر سيكونون قد طوروا عادات أخرى للراحة والاسترخاء ولن تكون القراءة أحدها. إن تقليل وقت التلفاز أو منعه حتى تصبح القراءة عادة متأصلة عند أبنائك ربما يكون الأمر الأكثر أهمية الذي يجب عليك فعله لحثهم على القراءة.

رابط المقال الأصلي