الأحد، 29 يونيو 2014

لماذا يحتاج ذهننا إلى إجازة



تظهر نتائج الأبحاث أن أخذ عطلة هو أمر ضروري وحاسم لأداء مثالي للدماغ.
نشرت المقالة د. ساندرا بوند تشابمان في 16 حزيران عام 2014

أتى الصيف وهو الوقت المثالي للإجازات العائلية وحفلات الشواء، كما أنه مثالي أيضاً لنمط حياة أبطأ. ولكنك إذا كنت كمعظم الأمريكيين فإنك لن تستفيد كلياً من هذا الفصل لتسترخي وتعيد شحن طاقاتك مضيّعاً بذلك الوقت الأفضل في العام لتعزز قدراتك الدماغية وتحسن صحتك الذهنية. 

أجرى هاريز إينترأكتيف إحصائية لموقع التوظيف كلاس دور وقد كانت نتيجتها أن ثلاثة من أصل أربعة عمال يمضون حياتهم رافضين أخذ إجازة رغم أن إجازاتهم مدفوعة الأجر. وفي الواقع معظم الموظفين يستخدمون نصفها فقط. ولكن حتى أولئك الذين يأخذون إجازات فإنهم يأخذون المكتب معهم إلى الإجازة. فتراهم يأخذون معهم حواسبهم وهواتفهم النقالة. وقد كشفت نفس الإحصائية أن 61 بالمئة من المشاركين قالوا أنهم يعملون خلال العطلة لأسباب تتعلق بالخوف من تفوق منافسيهم أو الرغبة في ترقية أو الخوف من خسارة العمل. باختصار يخشى الموظفون أن يكلفهم إمضاء الوقت بعيداً عن العمل ثمناً باهظاً.

Bottom of Form
ولكن عدم أخذ فترة من الراحة يكلف ثمناً باهظاً أيضاً. إن إمضاء وقت ما بعيداً عن جو العمل والمدرسة وعن نمط الحياة المليء بالضغط والتوتر هو أمر أساسي لتجدد ذهنك ولتحسن صحتك الذهنية. إننا بحرمان أدمغتنا من الإجازة نقلص مقدرتنا على التفكير الإبداعي كما أننا نقلص من مقدرتنا على حل المشكلات بطريقة استراتيجية. إذ يفكر دماغنا بطريقة واضحة أكثر عندما نتوقف عن الركض لأداء الواجب تلو الآخر وعندما نخصص وقتاً للراحة والاسترخاء. 

لابد أنك عشت لحظات من نفاذ البصيرة أو لحظات ال"وجدتها" حين خطر على بالك فجأة فكرة جديدة مبدعة أو حل فجائي لمشكلة مستعصية. ويحدث هذا غالباً في الوقت الذي لا تستخدم فيه قدراتك الذهنية للتركيز على أخطاء الأمس أو في التفكير بالمهمات المتراكمة التي يجب إنجازها غداً. إن التقدم المفاجئ في التفكير يحدث غالباً عندما تسمح لعقلك أن يتخيل أو يتجول بعيداً عن سياق الأحداث اليومية المتداخلة في بيئة مختلفة لا تقوم بتشتيت ذهنك باستمرار.

والتفسير العلمي لذلك هو: إن الفص الأمامي في الدماغ هو المسؤول عن التفكير بالأسباب والخطط واتخاذ القرارات والحكم على الأمور وهذا الفص يعمل بطريقة مبدعة وخلاقة عندما يكون الدماغ هادئاً وعندما لا عندما تحث دماغك بشدة لإيجاد حل لمشكلة ما. وهكذا تزداد لحظات نفاذ البصيرة كلما كان ذهنك هادئاً أكثر. لماذا؟ عندما لا يكون دماغك نشطاً في أداء مهمة ما فإنه يقوم بتجميع الأفكار العشوائية ويحاول إيجاد رابط بينها ومن ثم يقوم بدمجها مع معلومات سابقة ليخرج بأفكار جديدة مثيرة وبحلول محتملة لمشاكل قائمة.

إن أخذ عطلة هو أمر هام لأن أجسادنا وأدمغتنا غير مجهزة للتعامل مع الضغط المستمر والذي هو جزء أساسي من الحياة في القرن الواحد والعشرين. عندما تتعرض للضغط يفرز جسمك هرمون التوتر (كورتيزول)، والمستويات العالية من هرمون الكورتيزول تدمر (الحصين) المنطقة المسؤولة عن التعلم والذاكرة. ولذلك فإن تقليل التوتر أمر أساسي لتحسين أداء دماغك حتى الحد الأقصى. ومن أفضل الطرق المبرهن على نجاحها في تقليل التوترهي التمرين، والحصول على قسط وافر من النوم، وإمضاء وقت مميز مع الآخرين، وخوض مغامرات جديدة وهذا كله من شأنه أن يحدث خلال إجازة.

ومن الأمور الحاسمة أيضاً: ابتعد عن التكنولوجيا إن دماغك يحتاج إلى إجازة من أجهزتك. إذ أن القيام بمهام متعددة كتفقد البريد الالكتروني أثناء كتابة تقرير أو الرد على رسالة نصية بينما نكون في اجتماع لا يجعلنا منتجين أكثربل في الواقع يبطئ قدرتنا على التفكير ويقلل من إنتاجنا. إن الدماغ البشري غير مصمم ليؤدي مهمتين في وقت واحد. وإن إجبار أدمغتنا على التنقل إلى الأمام وإلى الخلف بين المهام يشوش الفص الأمامي ويبطئ من أدائه ويقلل من كفاءته. كما أن إمضاء الكثير من الوقت على  الانترنت يمكن أن يقودنا إلى الشعور بالعزلة والقلق والاكتئاب.

ولكن هناك حل بسيط وهو في متناول اليد. يمكن لكل واحد منا أن يقلل الوقت الذي يمضيه وهو يستخدم أجهزته التكنولوجية. يمكننا أن نأخذ بضعة دقائق من الاستراحة كل ساعة كما يمكننا أن نمضي بعد ظهر أو أمسية ما بعيداً عن الاختراقات التكنولوجية. بالإضافة إلى وضع حد لاستخدام أبنائنا لهواتفهم الخليوية.

ولذا أسد خدمة لدماغك ولنفسك في هذا الصيف: خذ عطلة! 
أجل إن أخذ عطلة حقيقية هو أفضل ما يمكنك أن تفعله، وابتعادك لفترة من الوقت عن أجهزتك التقنية سيفعل العجائب. ستعود إلى مدرستك أو إلى عملك بتجدد وهدوء. وسيتوقد دماغك من جديد ويصبح جاهزاً ليعالج بإبداع أكثر المشاكل تحدياً وصعوبة من منظور جديد للأمور وبطاقة عالية.
رابط المقال الأصلي 
Why Your Mind Needs a Break